عن السيد المسيح هذا العام…
لا أرغب بك زائرا تدق بابنا، مرة في السنة ،وترحل وكأنك هجرت دنيانا ،وطاب لك أن تحمل إلينا الهدايا وترحل .
وكأن لحظات وجودك في حياتنا،تحوّلت بسحر ساحر إلى ذكرى ،فالذكريات حدث تاريخي غالبا ما تزول وتمحى وتغيب مع السنين، مع تعب السنين الذي يرهق أنفاسنا ويكبدنا الآلام والمتاعب والأحزان.
ولأنك، قبل التاريخ ،زمن،لا زمن له ،ووجود يستحيل في ديمومته عابرا للمكان وللزمان ،أنت قبلنا في الوجود، أتيت حاملا غصن الزيتون وأنتشرت في المسكونة كلها قبل أن تنتشر.
يا سيدي، حبذا لو أن الناس الذين أكلوا جسدك ،وشربوا دمك، سارت دماءك في عروقهم ،وكأن لحظات التجلي تلك مجرد لحظات خارج الزمن وخارج الحياة المسيحية ،وخارج الإيمان .
لم تعد تكفيني شجرة الميلاد، فيما أشجار الحقد والضغينة ،والخيانة ،والكفر والكراهية، وتقديس المال، وكره القريب تنمو في جذوري…
لم تعد تكفيني الصلاة التي أتلوها كل يوم ،فيما لم تتحوّل حياتي إلى صلاة، فكلما تلوت صلاة أدعو لنفسي بالتفوق والشهرة والأنانية وحب المال…
لم يعد يكفي غروري منصب أتى على حساب السعادة وراحة البال ،وكأنني أسرق من حقل جاري، ذاك الذي زرع فحصد، وكأن المسيحية أن نأخذ من حقول الغير.
يا سيدي، أركع أمامك اليوم، وقد هجرت صلاتنا الكاذبة، وإيماننا المزيّف. لا أريد وسيطا بيني وبينك ،فالوسطاء، كمتعهدي الأشغال، جنوا على إسمك وكرسوا الأموال، فيبست حقولنا، وبارت مزارعنا، ورحلت طيورنا…
يئن وطني اليوم من ثقل أهوال هوج ،جرفت تاريخا من العنفوان والتمسك بالإيمان وبالإنسان…
لن أحمل حقيبتي وأمشي، وكأن الوطن محطة قطار، ينزل فيها من رحل من حيث لا أدري ،ولا أعرف لماذا، وأنتظر بدوري مقعدا إلى حيث لا أدري ،ولا أعرف لماذا.
يا سيدي،من أرض القداسة ،أحترق شوقا لأتلو صلاتي ،لأستحضرك في كل لحظة من عمري .اولست أنت العمر لوطن لا تقوى عليه النوائب ؟