أخبار محلية

المحامي نجار:صلاحيات الحكومة المستقيلة  في ظل شغور سُدة رئاسة الجمهورية

كتب المحامي جورج النجار على حسابه على الفيس بوك:

في ظل الازمات الكبيرة التي تعصف بلبنان هناك أزمة اقتصادية حادّة بدأت في عام 2019 عندما انهار النظام المالي والاقتصادي تحت وطأة الديون السيادية والحلول والطرق غير المستدامة التي كانت تمول بها الحكومات دون حسيب ولا رقيب الى يومنا هذا حيث اصبح لبنان مختبر لانتاج الازمات على كافة انواعها ففي القريب العاجل هناك ازمة دستورية مرتقبة لما بعد 31/10/2022 تتمثل بشغور موقع رئاسة الجمهورية بفعل عدم انتخاب رئيس جديد لا سمح الله ، وكل ذلك بعد الانتخابات النيابية التي جرت منذ اشهر والتي بموجبها اصبحت حكومة الرئيس ميقاتي بحكم المستقيلة وذلك وفقاً للمادة 69 فقرة 5 [1]من الدستور، ناهيك عن ضيق الوقت والتجاذبات السياسية وشد الحبال فيما بين الاطراف السياسية والرئيس المكلف والذي حسب ما هو ظاهر غير مهتم بتأليف حكومة في نهاية عهد الرئيس عون لاعتبارات عدة…
وهنا نطرح التساؤل،هل هناك امكانية لحكومة مستقيلة اخذ صلاحيات رئيس الجمهورية؟؟؟
في البداية ان الحكومة المُستقيلة يقتصر دورها على تسيير المرفق العام بإطاره الضيق وذلك حسب الفقه والاجتهاد حيث في العام 1969 وعلى اثر استقالة الرئيس رشيد كرامي فقد تقدم رئيس الديوان في المديرية العامة لوزارة البرق والبريد والهاتف آنذاك السيد فؤاد اسكندر راشد، بطعنٍ ضد قرار نقله إلى بيروت، مدعياً أن الوزير لم يكن يحق له اتخاذ مثل هكذا إجراء كونه ينتمي إلى حكومةٍ مستقيلة[2]، وذلك وفقا للفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور التي تنص صراحة على التالي:” لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال” ، إذ تعتبر أن الدستور بإشارته إلى “المعنى الضيق” أدخل تقليصاً إضافياً في نطاق تصريف الأعمال، كون حتى الأعمال العادية لا يمكن إتخاذها إلا لتفادي الفراغ الكامل وتعطيل مصالح الدولة، وذلك الى حين تأليف حكومة جديدة، وهذا مثال بسيط عن قرار نقل موظف في إطار حكومة مستيقيلة وليس اخذ حكومة مستقيلة صلاحيات مرجع دستوري آخر، وان المادة 62 من الدستور التي تشير صراحة إلى أنّه “في حال خلوّ سدّة الرئاسة الأولى لأيّ علّة كانت تُناط صلاحيّات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء”، وبالتالي يجب على أي قرار يصدر عن مجلس الوزراء أو مرسوم يتطلّب توقيع الوزراء جميعاً نيابة عن رئيس الجمهورية وذلك ضمن الاطار الضيق وفقط من اجل تسيير المرفق العام وكيف بالحري اذا كانت هذه الصلاحيات تخرج عن اطار تسيير المرفق العام ومنها الطلب الى مجلس الوزراء حلً مجلس النواب وذلك وفقاً للمادة 55 [3]من الدستور وايضاً صلاحية تأجيل انعقاد مجلس النواب وذلك حسب المادة [4]59 من الدستور وايضاص صلاحية تولي المفاوضات وابرام المعاهدات الدولية وذلك وفقاً للمادة 52 [5]من الدستور.
وبحال العكس يسقط حق محاسبة مجلس النواب للسلطة التنفيذية باعتبار ان مسألة المحاسبة التشريعية للحكومة هي حجب الثقة عنها لتصبح حكومة مستقيلة وذلك حسب المادة 69 فقرة و من الدستور وبالتالي كيف لحكومة يحاسبها المجلس النيابي وبالتالي تصبح مستقيلة وهي بالاساس مستقيلة حكماً وفقاً فقرة 5 من المادة 69 من الدستور اللبناني وبالتالي لا يمكن ان تقوم اي سلطة تنفيذية بجميع مهامها وهي غير خاضعة لمبدأ المسائلة امام السلطة التشريعية ؟؟ فكيف بالحري ان تأخذ صلاحيات رئيس جمهورية واتخاذ قرارات بتعديل الدستور واجراء الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وحل لمجلس النواب وبهذا ولمجرد عدم امكانية ان تأخذ الحكومة المستقيلة الصلاحيات العادية لاي حكومة شرعية ذات صلاحيات كاملة، فكيف بالحري ان تأخذ صلاحية هيئة دستورية اخرى اي رئاسة الجمهورية عند الشغور في سدة الرئاسة، وبالتالي تخرج عن مبدأ تسيير المرفق العام، والدستور بطبيعته ينص على العموميات والاطار العام لا ينص على التفاصيل، فالتفاصيل التنفيذية يستشفها الفقه والاجتهاد الدستوري والأعراف الدستورية التي تؤول إلى القول بأن الحكومة تمارس صلاحيات الرئيس في ظل الفراغ الرئاسي بالمعنى الضيق، وان اي خرق لهذا المنطق الدستوري يعتبر مساً وخرقاً لمبدأ فصل السلطات وتضارب في الصلاحيات داخل السلطة الواحدة، وبالتالي فأن الدستور اللبناني واضح بسبب وضع آليات تفصيلية لانتخاب رئيس للجمهورية في المواد 49 و73 و74 و75، وعليه ليس هنالك من عذر دستوري أو في الدستور مطلقا لعدم انتخاب رئيس جمهورية ولتجنب هذا الجدل الذي يخفي ما ييخفي في نفس يعقوب .

[1] – المادة 69 من الدستور اللبناني :” تعتبر الحكومة مستقیلة في الحالات التالیة:  أ- إذا استقال رئیسها.  ب- إذا فقدت اكثر من ثلث عدد أعضائها المحدد في مرسوم تشكیلها. ج- بوفاة رئیسها.  د- عند بدء ولایة رئیس الجمهوریة. ه- عند بدء ولایة مجلس النواب. و- عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النیابي بمبادرة منه أو بناء على طرحها الثقة.

[2] – وبالفعل، قسّم المجلس في قراره “راشد ضد الدولة” أعمال الحكومة إلى ثلاث فئات: الأعمال العاديّة الإداريّة (actes de gestion): “أيّ الأعمال اليومية التي يعود إلى الهيئات الإداريّة إتمامها، ويتعلّق إجراؤها في الغالب على موافقة هذه الهيئات كتعيين ونقل الموظفين وتصريف الأعمال الفردية التي لا يمارس عليها الوزير سوى إشراف م الأعمال التصرفيّة (actes de disposition) في الظروف العاديّة: وهي تلك التي ترمي إلى “إحداث أعباءٍ جديدةٍ أو التصرّف باعتماداتٍ هامّة أو ادخال تغييرٍ جوهريّ على سير المصالح العامة أو في أوضاع البلاد السياسية والإقتصاديّة والإجتماعيّة تحت طائلة المسؤوليّة الوزاريّة”. لذلك، لا تدخل الأعمال التصرفيّة في نطاق تصريف الأعمال، ولا يجوز للحكومة المستقيلة أن تقوم بها.الأعمال التصرفيّة في الظروف الإستثنائيّة: الأوضاع الإستثنائية التي تتعلّق بالنظام العام وأمن الدولة الداخليّ والخارجيّ تسمح للحكومة المستقيلة باتخاذ تدابير ضرورية تخرج عن تصريف الأعمال. “وفي هذه الحالات، تخضع تدابير الوزارة المستقيلة وتقدير ظروف اتخاذها إياها إلى رقابة القضاء الإداريّ بسبب فقدان الرقابة البرلمانيّة وانتفاء المسؤولية الوزارية”.

[3] – یعود لرئیس الجمهوریة، في الحالات المنصوص عنها في المادتین 65 و77 من هذا الدستور، الطلب إلى مجلس الوزراء حل مجلس النواب قبل انتهاء عهد النیابة. فإذا قرر مجلس الوزراء، بناءً على ذلك، حل المجلس، یصدر رئیس الجمهوریة مرسوم الحل…

[4] –  المادة 59 المعدلة “: لرئیس الجمهوریة تأجیل انعقاد المجلس إلى أمد لا یتجاوز شهراً واحداً ولیس له أن یفعل ذلك مرتین في العقد الواحد.

[5] – المادة 52 المعدلة “:یتولى رئیس الجمهوریة المفاوضة في عقد المعاهدات الدولیة وا ٕ برامها بالاتفاق مع رئیس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب علیها حینما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!