كتبت الصحافيه نوال الاشقر في موقع #lebanon24 :
عمل الرئيس نجيب ميقاتي منذ توليه رئاسة الحكومة على حلّ معضلة الكهرباء، ليس كونها أبرز شروط الجهات المانحة فحسب، بل نظرًا للحال الذي وصل إليه القطاع من عتمة شبه شاملة. حلولٌ عدّة طرحت منذ أشهر، ولم تترجم، كاستجرار الغاز من مصر والطاقة الكهربائية من الأردن. مصر أبدت استعدادها لنقل الغاز عبر سوريا، لكنها انتظرت تأكيدات أميركية بعدم تعرّضها لعقوبات في إطار قانون “قيصر”. الحكومة اللبنانية بدورها نقلت الهواجس نفسها إلى الإدارة الأميركية، إلى أن وصل الرد الأميركي عبر كتاب خطّي رسمي سلّمته السفيرة دوروثي شيا إلى الرئيس ميقاتي من وزارة الخزانة الأميركية، جزمت بموجبه أنّه “لن يكون هناك أيّ مخاوف من قانون العقوبات الأميركية” وأنّ الرسالة “تمثّل زخماً الى الأمام لإحراز تقدّم في معالجة أزمة الطاقة التي يعاني منها الشعب اللبناني”.
ماذا بعد الرسالة الأميركية؟ هل من عوائق أخرى أمام وصول الغاز المصري إلى معمل دير عمار؟ وماذا عن تمويل شراء الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة؟
التطمينات الأميركية من شأنها أن تفتح الطريق أمام الغاز والطاقة الكهربائيّة، لتنطلق مرحلة التنفيذ بعد إنجاز التواقيع. عضو مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان طارق عبد الله لفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ العمل جار لإنجاز الأمور التقنيّة. في السياق، عقد اجتماعٌ في منشآت النفط في طرابلس بالأمس، بحيث تمّ وضع خطّة لتأهيل خط الغاز داخل الأراضي اللبنانية، يشمل العمل تصليحَ نقاط التسرّب على طول الخط، و تصليحَ الأعطال الناجمة عن سقوط الزواعق على محطّة الغاز الرئيسيّة. ومن المفترض إنجاز أعمال التأهيل خلال فترة شهر ونصف الشهر، لتصبح المحطات جاهزة لاستقبال الغاز الطبيعي في منشآت النفط في طرابلس، وبعدها يتمّ نقله إلى معمل دير عمار، على أن يتم استكمال باقي أعمال الصيانة بعد عمليات ضخ الغاز، لمدّة شهر إضافي.
الغاز المصري إلى لبنان في آذار
العقود مع كلّ من الأردن ومصر باتت جاهزة أيضًا، ولا ينقصها سوى التواقيع، وفق ما أكّد عبد الله متفاديًا الإفراط بالتفاؤل، وبلغة واقعية يعتبر أنّه في حال سارت الأمور كما يجب، يفترض أن يصل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن في شهر آذار المقبل، وليس قبل ذلك. وعلى رغم استثناء الإستجرار من العقوبات الأميركية المفروضة على سورية بموجب قانون “قيصر”، يتخوّف عبد الله من ربط الإدارة الأميركية ملف استجرار الغاز بإحراز تقدّم في ملف ترسيم الحدود البحرية “لاسيمّا وأنّ كتاب الخزانة الأميركية تزامن مع الإعلان عن عودة الوسيط الأميركي في ملف الترسيم آموس هوكشتاين للبنان. كما لا بدّ من رصد الموقف المصري، وما إذا كانت الرسالة الأميركية كافية، أم ستشترط مصر تطمينات مشابهة من الكونغرس الأميركي. من هنا يمكن القول إنّ الأمور التقنية شبه ناضجة، ولكن هناك ضبابية في النواحي المتّصلة بحسابات دولية .
البنك الدولي يموّل ولكن
البنك الدولي أبدى استعدده لتولّي عملية تمويل استجرار الكهرباء والغاز، ولكنّه بالمقابل اشترط تحقيق مجموعة مطالب، أبرزها تخفيض الهدر التقني وغير التقني، تأليف الهيئة الناظمة للقطاع، رفع التعرفة، وغيرها من الشروط. انطلاقًا من هنا يضع البنك الدولي آليّة للتمويل على دفعات وفق عبد الله “المدّة الفاصلة بين الدفعة الأولى والثانية هي ستة أشهر. يُرجّح أن تكون الدفعة الأولى 100 مليون دولار، ولكن في حال لم ينجز الجانب اللبناني الشروط المطلوبة منه، لن يحصل على الدفعة الثانية”. عبد الله لفت إلى أنّ مؤسسة كهرباء لبنان تمكّنت من تحقيق بعض الشروط، وهناك شروط مطلوبة من الحكومة اللبنانية، كتعيين الهيئة الناظمة للقطاع، فهل سيسمح التيار الوطني الحر بتعيينها وهو الذي وقف ضدها منذ البداية، بحجة تقليص صلاحيات الوزير؟ “كما أنّ خفض الهدر وإزالة التعديات لا يمكن تحقيقه من دون مساعدة القوى الأمنية ووزارة العدل. من هنا تتطلّب الإصلاحات مواكبة من قبل الحكومة ومجلس النواب”. في السياق يلفت عبد الله إلى أنّ العقود تتضمن شرطًا بتأمين التمويل “وفي حال لم يتأمّن المال يُعتبر العقد غير موجود”.
ad
الإتفاقية مع مصر تسمح بالحصول على 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً، لتوفير أربع ساعات من التغذية بالتيار الكهربائي يومياً، وفي حال زيادة الكميّة إلى مليار متر مكعب سترتفع التغذية إلى ست ساعات، الكهرباء الأردنية توفّر ساعتي تغذية يوميًا بمتوسط 200 ميغاواط، والفيول العراقي يوفّر ثلاث ساعات تغذية. بالتالي نكون أمام زيادة في ساعات التغذية ما بين 10 و12 ساعة يوميًّا.
اتفاق مبدئي على رفع التعرفة
عن مقترح وزير الطاقة لرفع التعرفة قال عبد الله “سمعنا بها عبر وسائل الإعلام، لم نستلمها بعد كمجلس إدارة، وبالنهاية ستصل، لكن وضع التعرفة ليس من صلاحية وزارة الطاقة، بل من صلاحية مجلس إدارة كهرباء لبنان الذي ينجز دراسة ويقدّمها، وقد لا نقبل بالأرقام الواردة في مقترح وزارة الطاقة ونعدّلها. داخل مجلس الإدارة هناك عدة آراء، لكن هناك إتفاق بالحد الأدنى بعدم إمكانية إبقاء التعرفة على حالها، ولا بد من رفعها، مع الأخذ بالإعتبار عدم قدرة العائلات الأقل دخلًا على تكبّد إعباء إضافية، بالتالي إبقاء الدعم وفق استهلاك معين إلى حدود 300 أو 400 كيلواط. ولكن المشكلة التي تواجهنا عند مقاربة رفع التعرفة تكمن في عدم وجود سعر صرف موحّد