أخبار محلية

مؤتمر صحافي لعضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب د. انطوان حبشي

 

الموضوع: فضيحة صرف 500 مليون $ لتجديد عقود شركات مقدمي الخدمات في الكهرباء وتوسيع صلاحياتها

نادي الصحافة – فرن الشباك – الخميس: 30/12/2021

 

 

بادئ ذي بدء، أعتذر من الحضور ومن كافة الشعب اللبناني أننا ما زلنا نتحدث عن ملفات تقنية في ظلّ الظرف المأساوي الذي نعيشه، ما قد يعتبر شعبنا انه ليس من أولوياته في الوقت الحاضر. إلا أن المجزرة التي ترتكبها السلطة بحق الشعب اللبنانيّ وعبر كيفية إدارة أموره لا تحتمل.

تطالعنا مجموعة تصاريح عن الكهرباء تبدأ مع رئيس الجمهوريّة ولا تنتهي مع وزير الطاقة، كلها وعود كهربائيّة أشبه بأخبار chaperon rouge أو “ليلى والذئب”. الهدف منها حرف الانظار عن جوهر الموضوع لتمرير الصفقات تحت الطاولة. خطورة هذه المسألة دفعتني لطرح الأمر في هذا التوقيت إذ للاسف لا يمكننا فصل هذه الملفات عن سبب مأساة شعبنا.
الكهرباء هي نصف مأساته.

كالعادة من وسائل الفساد والفاسدين وإستراتيجياتهم المبكلة، أن يتركوا معالجة الامور الى آخر دقيقة ويعلنوا أن الوقت إنتهى ويضعونا أمام الأمر الواقع ويبرروا أي تجديد. وهذا ما يجري اليوم مع عقود شركات مقدمي الخدمات أوservice providers التي تنتهي بتاريخ 31 / 12 / 2021 أي غداً.

أصروا منذ بضعة اشهر على قرارات “سلف العتمة” من جيوب الناس “تيضوا وشفنا كتيير منيح شو ضوّ… طاروا المصريات وما ضوأ”. إن ما يجري اليوم هو إستمرار لنفس النهج بالهدر والفساد.

ومنذ بضعة أيام، إرتفعت الضجة بشأن أمرين:
– توسيع صلاحيات شركات مقدمي الخدمات، مع العلم إن الإستشارات القانونية رفضت هذه الخطوة.
– صرف 500 مليون $ لتجديد عقود شركات مقدمي الخدمات.

هذا المشروع بدأ عام 2010 عبر خطة الكهرباء في زمن الوزير جبران باسيل التي صرف عليه أكتر من مليار دولار لتيحقق 8 أهداف. الأكيد أن المليار دولار تبخر لكن لم يتحقق أي هدف من هذه الاهداف.

كي لا أطيل الكلام سأتوقف عند 3 أهداف :
• الهدف الاول تحسين الجباية ( لكن في الواقع منذ تشرين 2019 كانت الجباية متأخرة بمناطق عدة تقريباً نحو سنة ونصف السنة. هذا التأخير كلّف الشعب اللبنانيّ حوالى 80% من قيمة الجباية لمدّة سنة أي هدر يوازي أكتر من 600 مليون $).
• الهدف الثاني تركيب العدادات الذكية وكان من المفترض أن يتم تركيب 1200,000 عداد تقريباً (في الواقع ركبوا بين 5000 الى 6000 عداد).
• الهدف الثالث تخفيف الهدر غير الفني (في الواقع كان الهدر حوالى 20% قبل 2010 اليوم أصبح يتراوح بين 45 إلى 50%) .

تأكيداً على ما أقوله، اشترط البنك الدولي لتمويل مشاريع الكهرباء تحسين الجباية وتخفيف الهدر، اللذين هما في صميم أهداف مشروع مقدمي الخدمات.

إنهم يمتلكون ما يكفي من الوقاحة، لذا يعمدون قبل يوم من إنتهاء العقود الى تهريب صفقة عبر امرين :
– توسيع صلاحيات هذه الشركات
– صرف٥٠٠ مليون دولار من جيوب الناس.

للتذكير، في بداية عقد شركات مقدمي عام 2010، تم صرف ٤٠٠ مليون دولار كي يتم توزيع ١٥ أو ١٦ ساعة كهرباء باليوم. اليوم، يريدون شفط ٥٠٠ مليون دولار كي يوزعوا ساعة كهرباء باليوم.

هل من سوء الإدارة، هدر وسرقة موصوفة أكثر من هذا. إن العقد مشكوك بقانونيته منذ اللحظة الاولى. كما أن الصراعات والمساومات والهدر فيه أمور مستدامة منذ العام 2010 وتستمر اليوم. كنت ذكرت كل هذه المسائل وفندتها في طلبات المعلومات وفي الإخبارات التي تقدّمت فيها منذ سنتين تقريباً.

عام 2014، أي بعد ٤ سنوات من العقد، صدرت إحالة من لجنة المشروع في مؤسسة كهرباء لبنان لتوقيف العقد لأنه اعتبر فاشلأ. أكثر من ذلك، تم طلب تغريمهم بـ90 مليون دولار من مستحقات الشركات لأن الأخيرة لم تلتزم بمؤشرات الأداء. لكن الأكيد أن الوزير المعني لم يقبل ولا ندري ما هي الدوافع الكامنة خلف قراره. طاروا ٩٠ مليون دولار من جيوب الناس للشركات الخاصة، فيما الناس اليوم تبحث عن دولار كي تستطيع الدخول الى المستشفى.

عام 2017، جدّد مجلس الوزراء لمدة ٤ سنوات عقود هذه الشركات وحدّد شرطين:
– إجراء مناقصة لتعيين شركة لإدارة المشروع.
– تعيين شركة للإشراف على المشروع.
وحتى اليوم ، الشرطان لم ينفذا، لأنه تم تعيين الشركة لإدارة المشروع بلا مناقصة ولم يتم تعيين شركة إشراف.
عام 2020، حين وجّهت سؤال للحكومة بشأن هذا الموضوع، كان الجواب “العبقري” إنهم لا يستطيعون تعيين لجنة إشراف بالعام ٢٠١٧ بسبب الثورة التي إندلعت عام 2019!!! حوّلنا السؤال لاستجواب وأكيد “لا حياة لمن تنادي”.

منذ ألمؤتمر الصحافي الأول الذي عقدته بشأن هذا الموضوع منذ سنتين تقريباً، وكانت مطالبتي واضحة بضرورة إستلام قاض جريء ونزيه للملف، وأنا أكيد أن القضاة النزيهين والجريئين ليسوا قلائل في وطننا.

ولليوم، ما زال الملف الذي تقدمت به الى النيابة العامة التمييزية وتحول على التفتيش المركزيّ “عم يعلّ”. لو قام القضاء بواجبه بشكل اسرع، كان لدينا محاسبة وكان لدينا مذنب، وما كانوا يجرؤون على تمرير صفقة بقيمة 500 مليون دولار كما يسعون اليوم.

ما زال هذا الملف اليوم في التفتيش، ويقولون انهم بحاجة لأسبوعين كحد أقصى لأخذ القرار، يبدو أنهم ينتظرون على الارجح كي أنتقل الى متابعة الملف في النيابة العامة التمييزية.

ملف إنطلق خارج القانون وخضع لأكترمن تسوية ومصالحة. أؤكد لكم كلّ مصالحة “فيا ريحة هدر وفساد بين لي بالظاهر عم يقوصوا ع بعضن بالسياسة وبالفعل عم يتقاسموا مصالح الشعب اللبناني”.

كلّ الأموال التي نتحدث عنها انصرفت ولم تؤمن الكهرباء ويستمرون بوقاحتهم المعهودة حيث يسعون اليوم الى سحب ٥٠٠ مليون دولار من المودعين. لماذا؟ الموضوع واضح: كما أن الاموال المنهوبة بالطاقة أمنت انتخابات ٢٠١٨، أنا أقول لكم أن ٥٠٠الـ مليون دولار ستمول الانتخابات النيابية القادمة عام 2022.

واليوم كي يأخذوا الـ٥٠٠ مليون دولار، يعدون الناس ويعدونهم بزيادة ساعات التغذية الكهربائية المنتي ستتوفرمن خلال استجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن.

أؤكد لكم كي لا نغرق بالوهم إن كل الجهات المانحة وتحديدًا الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الدوليّ أعربوا عن عدم استعدادهم للتمويل إلا في حال إجراء الاصلاحات بقطاع الكهرباء على رأسها القانون ٤٦٢ الذي يقضي بتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء.
بدل أن يحصر كلّ تفكيره كوزير الطاقة الحالي كيف يجب أن يصرف ٥٠٠ مليون دولار وتبقى العتمة ، يبدو أنه لا يعلم ان هناك قانونا تم العمل عليه لسنتين مع EBRD (البنك الدولي لإعادة الانماء والتنمية) وتم تحويله الى الوزير في تشرين الاول الماضي وما زال محجوزا عنده.
برأيي، بدل ما إستعمال الذكاء لشفط أموال المودعين ، فليتفضل الوزير ويطلق سراح هذا القانون الذي يستطيع مع القانون ٤٦٢ أن يشكل باب حل لقطاع الكهرباء بلبنان.

بعد غد عيد رأس السنة، فلاحظوا بما يريدون أن يعايدوا اللبنانيين بصفقة على حسابهم وكأنهم لم يرتوا بعد.
لذا فيما نحن نعيش عيد رأس السنة في العتمة، أتمنى إلا تدوم.
من أجل ذلك أكرر وضع الملف بيد القضاء المسؤول عن الحد من آلام الناس وبجرأة.

الأهم من ذلك، أنا أضع الملف بيد رئيس الجمهورية المسؤول عن وضع الإصبع على الجرح والحد من آلام الناس وهو الذي يبحث عن كيفية استنهاض عهده ويقول إنه يريد محاربة الفساد. هذا الملف كامل بآلاف الصفحات والمراسلات وقد انكب على اعداده عشرات المتخصصين لمئات الساعات. فليبدأ الرئيس عون به وليثبت انه ضد الفساد “حتى ما يلقطوك بإيدك لبتوجعك” اذ حين تبدأ بمكافحة الفساد من بيتك لن يعصى أي فاسد عليك.

في الختام، أتمنى للبنانيين أعياد مجيدة عسى ان نعيّد السنة المقبلة ع ضو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!