خاص الموقع

د. ريتا السلوى عطالله باحثة في علم النفس وعلم الإجتماع نقلا عن الأستاذ اندره نجار بتصرف

سرايا المحطة…(الجزء الثاني)

إلى الجانب الغربي لمحطة سكة الحديد في المعلقة ،وعلى بعد مئتي متر عنها ،يقع بناء قديم، يرجع تاريخ بنائه إلى عهد الأمير بشير الشهابي الثاني الكبير.
تألف البناء عند تشييده من طابقين إثنين ،يغطيهما سطح ترابي كباقي بيوت تلك الأزمان ،وكان يقطنه أحد أعيان الأمير بشير،ويدعى عيسى الخوري عيسى ،الذي عرف بنفوذه وبمحبته وبتقديره من قبل الأمير، حيث كان يبلغ الزحلييين أوامر الشهابي الكبير.
وفي العام 1871، قررت الأستانة فصل المعلقة ومساحة شاسعة من سهل البقاع عن باقي الأراضي اللبنانية وإلحاقها بولاية الشام ،فأجتمع وجهاء المعلقة وبعد مشاورات حامية رفضوا القرار بوضع حدود بين القريتين التوأم زحلة والمعلقة، فأرسلوا ليلا شبانا مسلحين للتصدي للجنة تخوم الحدود، فدارت معركة دامية بين الطرفين .وفي الصباح الباكر،أرسلت السلطنة العثمانية تعزيزات عسكرية ،لكن المعلقة خرجت ظافرة بعد تكبدها خسارة ثلاثة جنود وخمسة من الأهالي.
في اليوم التالي مكث أفراد اللجنة في سرايا المحطة ،وألقوا القبض على عدد من وجهاء البلدة وأودعوهم في سجن السرايا المذكورة لفترة طويلة، وأعلنوا المعلقة عاصمة للبقاع ،فغدا البناء قاعدة للقائمقام، فيما تحوّل سرايا الشونة في أسفل تلة الحمّار إلى مركز للمحافظة.
خلال الحرب العالمية الأولى غدت سرايا المحطة مركزا لكبار الضباط الأتراك ،فتحمّل الأهالي ظلمهم لسنوات طويلة، كما علقت المشانق في ساحة المعلقة أمام أعين الأرامل والأطفال والعجزة .
وكان المساجبن الذين يؤتى بهم إلى السراي يضربون أمام أعين الناس في الرواق الخارجي للسجن، في الطبقة السفلية للبناء.
بعد هزيمة الأتراك أمام جيوش الحلفاء ،خلال الحرب العالمية الأولى، ودخول فرنسا البلاد ،أضحت السراي مركزا للكومندان الفرنسي (تينيه) الذي احبه المعلقيون ولمسوا عدله ومحبته للسكان، فسمي الشارع بإسمه ،وهو الطريق الذي يربط ساحة المعلقة بالجسر، ولا زالت اللوحة التي تحمل اسمه موجودة حتى يومنا هذا.
في العام 1930 إستأجرت لجنة المساحة في المدينة المنزل من مالكيه آل النجار، وبقيت فيه حتى العام 1956، وكان الإهمال قد وصل لحده، فقدمت العائلة دعوى قضائية بحق لجنة المساحة ،لإجبارها على إخلاء المبنى المأجور، فأعيد البناء إلى أصحابه ، وأصبحت السرايا منذ ذلك الحين بناء للسكن، فقطنه الطبيب العقيد البير سعد الله النجار وانطوان فرج قميح وموسى اسعد شلهوب في الطابق الثاني ،فيما شغل يوسف كنج شعنين الطابق الأرضي.
في العام 1981 أصيبت السرايا بعدد من قذائف الدبابات السورية ،مما أصاب الذعر الشديد الملتجئين للبناء،الأمر الذي أثر على صحة الدكت،ور البير النجار الذي وافته المنية في الرابع عشر من شهر نيسان من العام عينه .
في العام 2004، بدأ العمل على ترميم البناء، بمساهمة من الدكتور روبير النجار، وما زالت أعمال البناء مستمرة حتى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!