كتب الاستاذ والكاتب الياس الزغبي على حسابه على الفيس بوك:
في ظل “فتوى التحريم والتنويم” التي فرضها “حزب اللّه” على مجلس الوزراء، فلا تجرؤ الرئاستان الأولى والثالثة على رفضها، يحاول الرئيس ميقاتي الالتفاف على هذا “الحرم” بعقد “مجالس وزارية” لتلبية شيء من مضامين “إعلان جدّة” بين السعودية وفرنسا.
وقد بدأ أمس بجمع المعنيّين في ملفّ ضبط الحدود والتهريب، فباغته “الحزب” بتحريم حضور ممثّلين عن “الثنائي” مرةً جديدة، بعد امتعاضه من تسرّب حضور وزيره للأشغال.
إنها الإشارة الثانية إلى الغضب الإيراني من نتائج التوافق بين باريس والرياض حول تشخيص الأزمة في لبنان، وكانت الأولى خلال اليومين الفائتَين في حملة “الإعلام الأصفر” ضد العاصمتين معاً.
لذلك، يجد ميقاتي نفسه بين مطرقة داعمَيه الفرنسي والسعودي وسندان نقيضَيه إيران وذراعها، وهو الآن أمام الاختبار الأوّل لالتزاماته: منع تهريب المخدرات وضبط الحدود البرية والبحرية والجوية.
هذا الاختبار سيضعه في مواجهة مباشرة مع “حزب اللّه” على هذه الحدود، فهل تستطيع قوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الانخراط في هذا الصدام، أم تستمر في غضّ الطرف والاكتفاء ببيانات إعلان النوايا؟
وهل من يفشل في عقد جلسة لمجلس الوزراء ينجح في تنفيذ توصيات اجتماعات فرعية بدأت تعاني من قرار مقاطعتها ووضع العصيّ في دواليبها؟
في الحقيقة، لا يمكن علاج الداء المزمن بعقاقير ومراهم، كما لا يمكن اكتساب الثقة بلقاءات وتصريحات استعراضية. فالحدود السائبة والتهريب هما نتيجة، تسهُل معالجتهما بعد تصفية الأسباب، والسبب الأخطر هو استيلاء سلاح “حزب اللّه” على القرار السيادي.
لذلك، يجب البدء من مكمن الداء، واستجابة المبادرة السعودية الفرنسية من بابها الأول، أي حصر السلاح بالقوى اللبنانية الشرعية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة ١٥٥٩، ١٦٨٠، ١٧٠١.
إنّ الشرط الأساس لبناء الدولة هو استعادة سيادتها، فلا سيادة بلا شرعية، ولا شرعية بلا مؤسسات وأبرزها مؤسسة مجلس الوزراء، ولا مجلس وزراء يتسلّط عليه سلاح غير شرعي، ولا الاجتماعات الفرعية تُغني عن الأصل.
قد تكون النيّات سليمة والإرادة جديّة، لكنّ خبرة الأجيال تقول: النيّات الطيبة تعبّد الطريق … إلى الجحيم!
الياس الزغبي