“كلن يعني كلن”. ببساطة لأن أحدًا منهم لم يتجرأ على الكشف عن فساده بالوثائق والثبوتيات، لأن احدا منهم لم يتجرأ على كشف حلفائه وخصومه وتسمية المجرمين والفاسدين بالاسم والشهرة وعلى العلن. “كلن يعني كلن” لأنهم يقفون جميعهم منتظرين حصتهم من الجبنة ولا أحد يفكر بنا…حتى من شاركنا الشارع. “كلن يعني كلن” لأنه “كلن يعني كلن” يتحالفون في انتخابات النقابات والجامعات وينسون “الثورة والنضال”.
كشف منذ يومين أن بعض النواب قد تلقوا لقاح فيروس كورونا خارج المنصّة وقبل دورهم أصلا. هذا الفعل المشين الفاسد كان ممكن أن يؤدي الى وقف دعم البنك الدولي وبالتالي وضعنا بأزمة جديدة فوق أزماتنا. وبالرغم من بشاعة هذا الفعل ووقاحته، استمر النواب بوقاحتهم حد مهاجمة الاعلام الذي اراد محاسبتهم على الهواء وامام الشعب، بل ووصل بأحدهم للقول “ما بدا هالقد”. على أية حال، بحمد الله ولطفه لم يتخذ البنك الدولي اي خطوة تجاه لبنان واكتفى بارسال انذار خطي.
بعض الحجج المبررة فعل النواب كانت أن اعمارهم قد تخطت ال ٧٠ وال ٧٥، اي انهم كبار في السن وهم في مرحلة خطرة وقد يكون فيروس كورونا فتاك اذا اصابهم. هذه الحجة في الواقع سلطت الضوء على المشكلة الاساسية، التي غابت او غُيّبت عن بالنا او اننا ببساطة تجاهلناها… وهي أن الكثير من نوّابنا تجاوزت اعمارهم ال ٧٠ عاما! أي ان هؤلاء النواب ودعونا لا نتطرق لعمر رئيس جمهوريتنا وعمر رئيس مجلس نوابنا، قد عاصروا حروب لبنان وازماته وسقوطه ونهوضه وما زالوا متربصين برقابنا. هل خلا البلد من الشباب؟ نعم خلا، وآخر مرة رأينا فيها الشباب الطموح المندفع العازم على تغيير العالم كانت في المطار وهم يصعدون الى طائراتهم منكسرين مودعين خائبين. خلا البلد من الشباب منذ تمسك كل “فرعون” بكرسيه ومنصبه وسلطته فما عاد للدم الجديد مكان! خلا البلد منذ صرخ رئيس جمهوريتنا في وجهنا على التلفزيون وقال لنا “اذا مش عاجبكم هاجروا” فهاجرنا.
ليس في البلد من يمسك زمام الامور والسياسة أقدر من اجداد الحرب الاهلية! ليس من هو أقدر على انعاش البلد اكثر ممن يريد الانعاش ليتنفس وعكازة ليمشي. ولا يُساء فهمنا اذا تحدثنا بهذه القساوة، انما مكان هؤلاء هو في بيتهم بين احفادهم واولادهم يشربون الشوكولا الساخنة كي يناموا بدفء وأمان، ليس مكانهم مجلس نواب يقرر مصير البلاد!
هل يُعقل ان تخلو البلاد ممن هم أصغر من ال ٧٠ عاما؟ هل شاخت بلادنا الى هذا الحد؟ هل ذبل جلدنا وتجعد وجهنا وضعفت اجسامنا الى هذا الحد؟
في البلد، شباب طموح وشغوف وقادر. في البلد نساء ورجال لو طالوا السلطة لاحدثوا المعجزات وانقذونا. في البلد رغم انف الفرعون وكل الفراعنة، شباب قادر وسوف يغير وجه التاريخ حين يغيّر وجه لبنان.
المصدر: Ch23