“الفيروس قد يكون قد نشأ خارج الصين”، قد تصبح بكين لديها مزيد من الثقة وهي تروج لهذا الاحتمال بعد انتهاء تحقيقات بعثة منظمة الصحة العالمية، التي ترمي لمعرفة منشأ فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 2.3 مليون شخص في أنحاء العالم.
وانتهى عمل بعثة منظمة الصحة العالمية في الصين، ولم يصدر بعد تقرير رسمي، ولكن ما خرج بشكل أولي عن البعثة من المتوقع أن يثير كثيراً من الجدل السياسي والعلمي على السواء، وتحديداً فيما يتعلق بمسألة منشأ فيروس كورونا.
وتم نشر بعض المعلومات عن نتائج تحقيق منظمة الصحة العالمية عبر الحسابات الشخصية على “Twitter” لأعضاء بعثة المنظمة إلى الصين أثناء المهمة، ولكن ظهرت المزيد من التفاصيل والآراء أثناء استعدادهم لمغادرة البلاد.
وانتهت البعثة دون العثور على مصدر منشأ فيروس كورونا، ولكن النتائج الأولية حملت تلميحات تبدو مريحة للصين، فيما يتعلق بقضية منشأ فيروس كورونا.
تحاول بكين تبديد الانتقادات الموجهة إلى تعاملها مع المراحل الفوضوية المبكرة من تفشي المرض، خاصة أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ألقى باللوم على الصين، وكرر نظرية مثيرة للجدل مفادها أن تسرباً من معمل في ووهان قد يكون مصدر الوباء.
وبينما أصر العديد من أعضاء البعثة على أن بكين منحتهم حق الوصول الكامل إلى المواقع والأفراد الذين طلبوا زيارتهم، كشفت عالمة الأوبئة الدنماركية وعضو الفريق ثيا كولسن فيش أنهم لم يتلقوا أي بيانات أولية عن نشأة الجائحة (أي معلومات أصلية في صورة خام)، وبدلاً من ذلك اعتمدوا على تحليلات العلماء الصينيين.
ويتسق موقف العالمة الدنماركية مع المخاوف واسعة النطاق بشأن وصول العلماء إلى البيانات بعد عام من تفشي المرض، ووسط اتهامات بأن بكين قللت من خطورة تفشي المرض.
كان على الخبراء السير على حبل مشدود دبلوماسياً، حيث حثت الولايات المتحدة على إجراء تحقيق “قوي” قبل مغادرتهم، وحذرت الصين من تسييس القضية.
أثناء اختتامهم لمهمتهم غرد عضو فريق البعثة، عالم الحيوان البريطاني والخبير في علم البيئة المرضي وعضو البعثة بيتر داساك، قائلاً إن أعضاء البعثة عملوا “بشكل ثابت وهادئ في ظل أكثر بيئة مشحونة سياسياً”.
تم ربط تعليقات داساك بمقال يشير إلى تعليقات وزارة الخارجية الأمريكية التي ألقت بظلال من الشك على شفافية تعاون الصين مع بعثة منظمة الصحة العالمية.
في وقت لاحق أصدر عضو البعثة تغريدة غير عادية تحمل إشارة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وكان لافتاً ما قاله بيتر داساك، في معرض انتقادخ للتفسيرات المنسوبة لجهات أمريكية بشأن أن أصل الفيروس جاء من تجربة خاطئة أجريت في معمل في مدينة ووهان.
وقال داساك، في تغريدة على تويتر مخاطباً بايدن “من فضلك لا تعتمد كثيراً على المعلومات الاستخباراتية الأميركية”.
ويرأس داساك منظمة “EcoHealth Alliance” غير الربحية ومقرها الولايات المتحدة، والتي تراقب تفشي الأوبئة وتشارك لأكثر من عقد مع معهد ووهان لعلم الفيروسات في الأبحاث المشتركة لفيروسات كورونا (وهو المعهد الذي اتهم من قبل ترامب وأنصاره بالتسبب في الفيروس، علماً بأن تقارير دبلوماسية أمريكية سابقة على الجائحة شككت في مستوى الأمان في المعمل).
تجدر الإشارة إلى أن داساك كان أحد أكثر المؤيدين صخباً من أصل طبيعي، وفي تعليقات لفرانس برس العام الماضي رفض احتمال حدوث تسرب من مختبر ووهان، باعتباره “نظرية مؤامرة” ذات دوافع سياسية يحفزها ترامب.
وفي العام الماضي، أنهت إدارة ترامب فجأة منحة حكومية أمريكية تدعم البحث المشترك للمجموعة مع منشأة ووهان، وهي خطوة انتقدها المجتمع العلمي باعتبارها سياسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس إن البيت الأبيض “يدعم هذا التحقيق بوضوح”، لكنه أيد الانتقادات بأن الصين أخفت معلومات.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الصين قد تعاونت بشكل كامل مع فريق منظمة الصحة العالمية، قال برايس للصحفيين: “أعتقد أن هيئة المحلفين ما زالت خارج الخدمة”، وذلك فيما يبدو أنه اتهام ضمني بأن الصين تمارس تضييقاً على بعثة منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي لا يمكنها من الحكم بشكل دقيق.
في المقابل، كان لافتاً قول بكين اليوم الأربعاء إن التحقيق في الصين هو مجرد “جزء واحد” من التحقيق في أصل الفيروس، في تلميح إلى رغبة بكين إلى توسيع البحث عن أصل الفيروس خارج الصين.
قال وانغ ون بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية: “نأمل أن تتبنى الولايات المتحدة، مثل الصين، موقفاً منفتحاً وشفافاً وتدعو خبراء منظمة الصحة العالمية لإجراء البحوث والدراسات في الولايات المتحدة”.
كانت النتيجة الأبرز التي خلص إليها فريق منظمة الصحة العالمية إلى أن نظرية أن خطأً ما في تجربة معملية كان مصدر الفيروس هي نظرية “غير مرجحة للغاية”، حسب تعبير الفريق.
في الواقع، لم تخبرنا النتائج الأولى والجزئية للغاية التي أشارت إليها تحقيقات منظمة الصحة العالمية بالكثير الذي لم يكن العلماء يعرفونه بالفعل عن أصول جائحة الفيروس التاجي.
فالأسئلة المهمة، لا تزال إلى حد كبير دون إجابة بعد زيارة بعثة منظمة الأمم المتحدة إلى الصين.
وعلى الرغم من الفشل في العثور على منشأ فيروس كورونا بعد عام من بدء الوباء، اتفق فريق الخبراء التابع لمنظمة الصحة العالمية على أنه من المحتمل أنه انتقل من الخفافيش إلى نوع حيواني غير معروف قبل أن ينتقل إلى البشر.
ولكن لا يزال المسار الدقيق لانتقال فيروس كورونا من الحيوانات إلى البشر غير معروف، أو حتى أنواع المضيف الوسيط التي ربطت فيروسات الخفافيش التاجية بالنسخة البشرية من الفيروس.
المصدر: عربي بوست