أخبار محلية

ريتا بولس شهوان: بعد تفاقم الأزمة المالية للحزب، هل سنشهد المزيد من عمليات تهريب البشر والمخدرات

 

بين “طريق القدس” وزواريب الكبتاغون​


كتبت الصحافية ريتا بولس شهوان في موقع al-khabar.uk

لم يكن بحسبان عائلة الشاب عباس أن ولدها “الشهيد” الذي تتفاخر به، كان ضحية خلاف بين تجار مخدرات في جنوب سوريا.​ ​ عباس مقاتل في صفوف حزب الله نعاه الحزب في بيان رسمي، وأقام له مراسم تشييع شهيد في قريته أواخر عام 2019، باعتباره (استشهد) قضى في “مهمة جهادية” في سوريا.​ ​ الصدمة التي واجهتها عائلة عباس جاءت بعد ثلاثة أعوام من مقتله، حين قضى أحد تجار المخدرات السوريين في غارة أردنية على جنوب سوريا، ليحضر أحد أصدقاء طفولة عباس ورفيق سلاحه إلى دكان والده فرحاً، ليخبره أن الذي قتل عباس قتله الطيران الأردني.​ ​ يقول والد عباس: “لم أستوعب ما حكاه الشاب بدايةً، فطلبت منه الجلوس ليشرح لي القصة كاملة، فأخبرني أن ابني قضى على يد عصابة تهريب حبوب مخدرة في اشتباك وقع بين مجموعة ابني وهذه العصابة، وفهمت أن الخلاف كان بسبب شحنة حبوب كبتاغون اشترتها العصابة من مكبس كبتاغون للحزب في جنوب سوريا كان يديره ولدي”.​
​ يتحدث الوالد عن صدمته قائلاً: “الدنيا أصبحت سوداء في عينيّ، ابني الشهيد، الذي تتزين ساحة القرية بصورته وصور رفاقه، كان في الواقع يقود عصابة لتصنيع وتجارة المخدرات، وقضى في اشتباك عصابات، وليس في مهمة جهادية كما أخبرتنا قيادته في الحزب”.​ ​ ويتابع: “عدت إلى المنزل مبكراً وأخبرت زوجتي بالذي سمعته، وقررت أن أطلب من ابني الأصغر الانسحاب من صفوف الحزب بأية حجة، لأن مصدر فخرنا وسبب صبرنا كعائلة تبين أنه مجرد وهم”. الأمر ذاته تكرر بطرق مشابهة مع آخرين، اكتشفوا خلال شهور الحرب الأخيرة أن أبناءهم يعملون في عمليات تهريب البشر والممنوعات عبر الحدود اللبنانية السورية لصالح حزب الله، في الوقت الذي كانوا يظنون أنهم يقاتلون على “طريق القدس”.​ ​ لا توضح بيانات النعي التي يصدرها الحزب غالباً ظروف ومكان مقتل العنصر أو القيادي، بل تكتفي بأنه كان في “مهمة جهادية”، بالنسبة لبيانات الأعوام العشرة السابقة، أو بأنه “استشهد على طريق القدس” في بيانات النعي خلال الحرب الأخيرة.​ ​ يعتقد كثير من الأهالي أنهم يتعرضون لخديعة، فصورة “البطل الشهيد” قد تخفي حقيقة مخزية، وأن الشك أصبح هو القاعدة، حول ظروف مقتل أبنائهم أو ظروف مهامهم “الجهادية”.​ ​ يعتبر البعض أن العمل في الممنوعات هو ضرورة من ضرورات “المقاومة”، لأنها تحقق دخلاً للحزب يجعله قادراً على تمويل نفسه، لكن آخرين يرون أنه وصمة عار في تاريخ كل من يعتبر نفسه صاحب قضية عادلة، ويتساءلون عن دور إيران في تمويل وتسليح الحزب، ولماذا لا تتكفل إيران بهذه النفقات، بدل دفع الحزب لتمويل ذاته بأساليب تندرج ضمن أعمال “الجريمة المنظمة”.​ ​ لا تتناسب “الأهداف النبيلة” التي يروج الحزب لجمهوره أنه يقوم بها، مع خداع حاضنته الشعبية بخصوص حقيقة الدور الذي يوكله لأبنائهم، والذي قد يكون ملطخاً بالعار، ذلك العار الذي قد تطال شكوكه جميع مقاتلي الحزب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!