تحدّث الاستاذ الجامعي والمسؤول عن العلاج الفيزيائيّ في احدى المستشفيات الدكتور الياس فضول عن بعض القضايا الحديثة والحلول المثيرة ضمن هذا المجال في هذا الحوار الشيّق والمهم.
– دعنا نتحدث عن قضية حديثة شائعة: نمط الحياة اليوميّة. فكيف يمكن أن يساعد العلاج الفيزيائيّ في مكافحة الآثار السلبيّة للجلوس طوال اليوم؟
يأتي العلاج الفيزيائيّ، في أيّامنا هذه، لإنقاذ وضعنا جميعًا، خصوصًا أنّ نمط حياتنا اليوم بات مختلفًا كلّ الاختلاف عمّا كان سابقًا. تُساعد التّمارين البسيطة مثل التّمدّد أو المشي أو حتّى الرّقص في مواجهة آثار الجلوس لفترات طويلة. كما أنّ المعالجين الفيزيائيّين يقدّمون أيضًا إرشادات حول تصحيح البنية والجلوس المريح، ممّا يضمن محافظة الأفراد على الهيئة المثلى والعمل على تقليل الضّغط على أجسادهم.
– دكتور فضول، هل يمكن أن تتحدث عن دور العلاج الفيزيائيّ في إعادة التّأهيل والتّعافي من الإصابات أو العمليّات الجراحيّة؟
إنّ العلاج الفيزيائيّ هو جزء لا يتجزّأ من إعادة التّأهيل والتّعافي. بعد الإصابة أو الجراحة، يعمل المعالجون الفيزيائيون عن كثب مع المرضى لتطوير خطة علاج شاملة. فنحن نركز على استعادة القوّة والمرونة والتّنقّل، بالإضافة إلى توجيه المرضى وإرشادهم من خلال التّمارين والتّقنيّات العلاجيّة لاستعادة الوظيفة المثلى. ويساعد العلاج الفيزيائيّ أيضًا على منع حصول مضاعفات، مثل تكوين النّسيج النّدبيّ أو تصلّب المفاصل، ممّا يضمن عمليّة التّعافي بسلاسة أكبر.
– هل يمكن أن تشرح ما الّذي يتضمنّه العلاج الفيزيائيّ وكيف يختلف عن جلسة التّدليك؟
يركز العلاج الفيزيائيّ على استعادة القدرات الوظيفيّة وتحسينها والحفاظ عليها. وهو ينطوي على تقييم الحالات العضليّة الهيكليّة والإصابات واختلالات الحركة وتشخيصها ومعالجتها. كما يستخدم المعالجون الفيزيائيون مجموعة واسعة من التقنيّات، بما في ذلك التّمارين العلاجيّة والعلاج اليدوي وطرائق مثل العلاج بالحرارة أو البرودة. فنحن نقوم بتطوير خطط علاج شخصيّة وفرديّة لمعالجة مشاكل محدّدة، وتعزيز الحركة، وتعزيز الوظيفة البدنيّة بشكل عام.
من ناحية أخرى، يركّز العلاج بالتّدليك في المقام الأوّل على تحسين الدّورة الدّمويّة وتعزيز الاسترخاء.
– هل يمكنك إلقاء الضوء على كيفيّة مساعدة العلاج الفيزيائيّ الأفراد الذين يعانون صداعًا نصفيًّا؟
يمكن أن يؤدّي العلاج الفيزيائيّ دورًا قيّمًا في إدارة الصّداع النّصفيّ وتقليل حدّة تواتره وشدّته. لكن الجدير ذكره هو أن الصّداع النّصفيّ، غالبًا ما يكون متعدد العوامل بطبيعته، إلّا أن العلاج الفيزيائيّ يمكن أن يعالج مجموعة من العوامل موفّرًا الرّاحة للمريض.
إنّ أحد الأساليب يكمن من خلال تقنيّات العلاج اليدويّ الّتي تركّز على العنق ومناطق الظّهر العلويّة. فيرتبط قسم كبير من حالات الصّداع النّصفيّ بالتّوتّر والضّيق في هذه المناطق. لذا، ومن خلال تطبيق التّقنيّات اليدويّة المستهدفة، يمكن للمعالجين الفيزيائيّين التّخلّص من توتّر العضلات وتحسين الحركة والوظيفة بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد المعالجون الفيزيائيّون في تحديد أي اختلالات في الوضع أو الحركة ومعالجتها، والّتي قد تؤدّي بدورها إلى زيادة نسبة الإصابة بالصّداع النّصفيّ. كذلك، يمكن أن يؤدّي الموقف السّيئ أو اختلالات العضلات أو أنماط الحركة غير الصّحيحة إلى ضغط على العنق والرّأس، ممّا يتسبّب بالصّداع النّصفيّ. من خلال تقييم الوضع والتّمارين التّصحيحيّة ، يمكن أن يساعد المعالجون الفيزيائيّون في تحسين وضعيّة الجسد وبنية العمود الفقريّ، بالإضافة إلى تقليل الإجهاد العضليّ وتخفيف أعراض الصّداع النّصفيّ.
– ما الدور اّلذي يقوم به المعالجون الفيزيائيون في إدارة الألم المزمن وتقليل الاعتماد على الأدوية؟
يؤدّي المعالجون الفيزيائيون دورًا حاسمًا في إدارة الألم المزمن. فمن خلال تقييم شامل، يمكننا تحديد الأسباب الكامنة خلف الألم ووضع خطط علاج خاصّة، كما قد يشمل ذلك: العلاج اليدويّ والتمارين العلاجية وطرائق مثل العلاج بالحرارة أو البرودة وتثقيف المريض من خلال تزويده بالشّروحات اللّازمة كالتّمارين اليوميّة. من خلال معالجة السبب الجذري للألم، يمكن للمعالجين الفيزيائيين مساعدة المرضى على تقليل الاعتماد على الأدوية وتحسين نوعية حياتهم بشكل عام.
– ما مدى أهمّيّة التعاون مع فريق طبّيّ متعدّد التّخصصات في مجال العلاج الفيزيائيّ؟
إنّ التّعاون المتعدد التخصصات أمر حيوي في العلاج الطبيعي، خصوصًا عند علاج الحالات المعقدة. يساعد العمل عن كثب مع الأطباء وجرّاحي العظم والمعالجين المهنيّين وغيرهم من المتخصصين في الرعاية الصحية على ضمان اتباع نهج شامل لرعاية المرضى. إذ، من خلال الجمع ما بين الخبرة والمعرفة من مختلف التّخصّصات، يمكننا تقديم أفضل النّتائج الممكنة لمرضانا.
– بصفتك معالج فيزيائيّ، ما هي النّصيحة الّتي تقدّمها إلى الأفراد الّذين يرغبون في حماية أنفسهم من الإصابات أو الحفاظ على صحّتهم البدنيّة؟
إنّ الوقاية هي المفتاح. لذا، من الضّروري ممارسة التّمارين الرّياضيّة بانتظام، والحفاظ على وزن صحّيّ سليم، واعتماد وضعيّات الجسم المناسبة أثناء الأنشطة اليوميّة. كلّ هذه العوامل قد تقلّل بشكل كبير من خطر الإصابات. وتذكّروا أنّه من المهمّ الاستماع إلى جسمكم، وأخذ فترات راحة عند الحاجة، وزيادة وتيرة الأنشطة البدنيّة تدريجيًّا. وإذا لم تكونوا متأكّدين من التّقنيّات المناسبة، فكّروا في استشارة اختصاصيّ علاج فيزيائيّ بهدف إرشادكم وتزويدكم باستراتيجيّات الوقاية من الإصابات الخاصّة بكم.
– أخيرًا ، ما هي الرسالة الّتي ترغب في نقلها إلى الأفراد الّذين قد يتردّدون في طلب العلاج الفيزيائيّ لحالتهم؟
أودّ أن أشجّع الأفراد على إعطاء الأولويّة لصحتهم، وعدم التّردّد في طلب العلاج الفيزيائيّ. فالمعالجون الفيزيائيّون هم متخصّصون في الرّعاية الصّحيّة ومدرّبون تدريبًا احترافيًّا، لذا يمكنهم تقديم رعاية شخصيّة لمساعدة المرضى على التّعافي من الإصابات وإدارة الحالات المزمنة وتحسين رفاهيّتهم بشكل عام. لا تدع المخاوف أو الشّكوك تمنعك من الوصول إلى فوائد العلاج الفيزيائيّ. إنّ إستشارة واحدة قد تحدث فرقًا كبيرًا في حياتك!